رساله إلى حوريه..
هذه الرساله :
وجدتها في زجاجة كانت تسبح في البحر.
وجدتها على شاطئ جميل هادئ
ففتحتها وقرأت ما كُتب فيها من اشياء ,,
فشدني واذهلني ما ورد فيها من كلمات
فعزمت على ان اعيد صياغتها لكم
بعد ان كانت مجهولة . . .! لعروس كانت خلف البحر..
وربما كتبت لحورية من حوريات البحر
فمصدرها كان هو الماء
والقدر أرسلها لكي تستقر بين الجميع
فلا مفر من العرض
سامحيني ايتها الحورية الجميله
على نشرها.
\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\\
ليتَكِ تعلمينَ أنَّ رُوحي حولَكِ.
أراكِ تفتحينَ عينيكِ بتكاسل، وعلى نظراتِكِ الشاردةِ دُررٌ من بقايا أحلامِ الأمس.
تتثائبينَ ناعسةً، فيشعُّ صفّانِ من الألماسِ بالضياءِ في أرجاءِ الحجرة، فتتوارى رُوحي خلفَ ظلالِ الانبهار، خُشيةَ أن تَرَيْني.
أراقبَ باستمتاعٍ ذَلكَ السَنّ المتمرّد، الّذي أصرّ أن يخالفَ تناسقَ باقي أسنانِك، فزادها ـ
ولا أدري كيف ـ جمالاً على جمال.
للأسف.. سَرعانَ ما تُوارينَ لآلئكِ بأناملِكِ الرقيقة، الرفيعةِ كأنّها أصابعُ عازفةٍ في مملكةِ السحر،
أو كأنّها أوتارُ عودٍ النجوى نفسِه.
وحينما تمَسُّ أناملُكِ شفتيكِ الرقيقتين الناعمتين الشعريّتين، تنبعثُ ألحانٌ وألوانٌ وأقواسُ قُزَح،
وترقصُ عرائسُ البحرِ في قلبِ عالمِها البعيد.
ثمَّ تبتعدُ أناملُكِ في رشاقة، لتتركَ بسمةَ انتعاشٍ لؤلؤيّةً على شفتيكِ،
وأنتِ تتمطَّينَ وشعرُكُ الأسودُ يُداعبُ وسادتَكِ ووجهَك.
وللحظة، تتوسّدُ رأسُكِ ذراعيك، وأنتِ تشردينَ بعينيكِ الأسطوريّتينِ بعيدًا،
وتمطّينَ شفتَكِ السفلى مطّةَ خفيفة، وتتنهّدينَ تنهيدةً حارّةً تعطّرُ الحجرة،ولكنَّ دفئها يكادُ يحرقُني.
فيمن تفكّرين؟.. ايكونُ أنا؟.. يا لي من طمّاع!
آآآآآآهٍ لو كُنْتُ أنا الّذي أسكنُ قلبَك، فأجلسُ في لحظاتِ شرودِكِ أجمعُ كلَّ أحطابِ الأحلام،
وأشعلُ فيها نيرانَ الوجد، فتشعرينَ بحرارةٍ تجعلُكِ تتنهّدين.
من الّذي يسكنُ قلبَك، ويجعلكُ تشرُدينَ هكذا، فتتراخى أهدابُكِ الموسيقيّةُ على الصباحِ الّذي يغتسلُ في عينيكِ؟
وحينما تتلاقى أهدابُك، تتراقصُ أطرافُها المنمنمةُ الطفلة،
وتنبعثُ منها نبضاتٌ ضوئيّةٌ حالمة، تحلّقُ في المكان،
وتتشكّلُ ببطءٍ عرائسَ مجنّحة، تدورُ في فضاءِ الحجرةِ سعيدةً هانئة.
ثمَّ تفتحينَ عينيكِ تدورينَ بهما في المكان، وشلالاتُ البهجةِ تنصبُّ منهما وفيهما.
وأهرُب.. تهرُبُ رُوحي في وجل.
ولكنَّ عينيكِ تَصيدانِها في النهاية، فتهوي فيهما لتصبحَ لمعةً جديدةً في بهائهما.
أرتعش.. تتكهربُ رُوحي.. البهجةُ أكبرُ منّي.. متعةُ الدنيا كلُّها فيَّ وحولي: أنتِ.
أنتفضُ، ثمَّ تخدّرُني دنياكِ فأسكن.
أرشفُ من لذّةِ عينيكِ وضيائهما.
أخيرًا، ها أنتِ ذي تُلملمينَ دفئَكِ من تحتِ غطائِك، وشَعرَكِ المسافرَ في أشعاري، وتنهضين.
تَمسُّكِ الأرضُ ولا تمسّينَها.
غزالٌ من النورِ أنتِ،قدماكِ الصغيرتانِ رقّةٌ تطيرُ على وسادةٍ من النعومة.
ويحسدُ السقفُ والجدرانُ الأرضيّةَ لأنّها تقبّلُ قدميك، وتكادُ الحجرةُ تخرُّ حتّى تطئيها.
ولكنّها تخافُ عليكِ، وعلى جسدِكِ الصغيرِ الهشّ.
بلّورةٌ أنتِ في ثيابِ فتاة..
ماسةٌ: ضئيلةُ الحجمِ باهظةُ المتعةِ والجمال.
كلُّ خليّةٍ في جسدِك، عازفةٌ في أوركسترا الروعةِ والبهاء.
كلُّ شيءٍ فيكِ دقيقٌ ورقيقٌ وعذب.
لقد خُلقْتِ هكذا، حتّى تتكسّري ما بينَ رموشي،وتذوبي في شهدِ أحلامي.
آهٍ لو كُنْتِ أصغرَ وأصغر..
في حجمِ نبضةٍ في قلبي.. في حجمِ كُريّةٍ من الماسِ في دمي..
في حجمِ حبّةِ سكرٍ تغيّرُ طعمَ أيّامي.
فراشةٌ أنتِ وأنتِ تنقلينَ قدميكِ، والكونُ كلُّه حولَكِ زهور.
خيالُ شاعرٍ وأنتِ تتوقّفينَ أمامَ مرآتِك، تبتسمينَ في غرورٍ وتتأمّلينَ قسماتِك.
قصائدُ ـ عيناك.. خمائلُ نعومةٍ ـ شَعرُك.. بوّابةُ قصرِ الروعةِ ـ شفتاك.
وعلى المرآةِ تنعكسُ رُوحي الّتي في عينيكِ،
فتنطلقُ رُوحي المنعكسةُ كسهمٍ من الضوء، تاركةً الانعكاسَ إلى الأصل، لترتشقَ في قلبِكِ مباشرةً.
هناكَ أروحُ أفتّشُ كالمجنونِ عن مكنونِك:
من الّذي يحويه قلبُك؟.. مَن؟
ولكنْ سَرعانَ ما ينقضُّ حراسُ قلبِكِ على رُوحي الهفهافة،
يحملونَها قَسرًا بعيدًا خارجَ قدسِ أقداسِك، وهي تتملّصُ وتقاومُ باستماتة.
أراكِ تسوّينَ شعرَكِ وتهندمينَ ملابسَك.
للأسفِ لم تُصبحي أجمل!
لم يعُد يوجدُ (أجملُ) معك.
لقد تخطّى جمالُكِ مستوى التّشبّعِ البشريّ،!!
بحيثُ لو زادَ مهما زاد، لظلّوا عاجزينَ عن إدراكِ ما يطرأُ عليه.
فقط تذهلُ عقولُهم عندَ أوّلِ لمحة، ولا يبقى من إدراكِهم إلا ما يستطيعونَ به أن يهيموا فيكِ ويتمتموا:
"سبحانَ الوهّاب"
وأطوفُ حولَك، أملأُ عيني وقلبي بالمزيدِ منكِ، أكدّسُ جمالَكِ في رُوحي الشرهةِ الّتي لا تشبع.
وعندَ نقطةٍ بلاتينيّةٍ صغيرةٍ على خدِّكِ الأيسرِ تأسرنُي دهرًا، أتوقّفُ دهرا.
إنّها نغمةٌ جديدةٌ تضافُ لسيمفونيّةِ(الدِّقّةِ) الّتي يعزفُها كلُّ شيءٍ فيك.
كلُّ شيءٍ مُنمنمٌ مزخرف،محسوبٌ بإحكامٍ متناهي.
لو أعرفُ فقط ممّا صُنعتِ!
أَمِن فاكهةِ الجبالِ ومسكِ الغزلانِ ونورِ الملائكة؟
عيناكِ قطرتانِ من رحيقِ زهرةٍ برّيّةٍ في أرضِ الأساطير.
شفتاكِ طبقتانِ من (الجيلي) بلونِ الكَرَز.
صوتُكِ انسكابُ قطراتِ الندى في ثغرِ زهرةٍ ظمأى.
رفرفةُ جناحِ فراشة، وهي تطردُ النورَ المشاكسَ الّذي يُغازلُها.
حفيفُ نسيمٍ لطيف، وهو يداعبُ شَعرَكِ اللعوب.
هديلُ حمامةٍ حنون، تغنّي لفراخِها وهي تضمُّها في دفئِها.
صوتُكِ أروعُ أغنيةٍ في الوجود.
من أنتِ؟
بشريّةٌ أم جنّيّةٌ أم جنّةٌ أم فتنةٌ تفضي لجحيمِ شوقٍ لا ينتهي؟
ثمَّ ها أنتِ ذي تُنهينَ زينَتَك، وترفرفينَ بينَ أرجاءِ المنزلِ تتدفّقينَ بالحيويّةِ والنشاط،
كنهرٍ عتيقٍ تليدٍ فَتِيّ، يحملُ الحياةَ والجمالَ بينَ عَدوتَيْه وحوالَيْه.
تُضفينَ جمالا على والدتِك، وتجدّدينَ شبابَ والدِك، حينما تقبّلينَهما في حبّ.
وتذهبينَ لتعدّي إفطارَ الأسرة.
تتلفّتين، ولا تنتبهينَ أنّي حولَكِ أراقبُك، وحينما تطمئنّينَ أنَّ أحدًا لا يراك،
تمنحينَ نظرتَكِ السحريّةَ لإناءِ ماء، فيستحيلُ شهدا، وتقبّلينَ رغيفَ خبزٍ فيصيرُ قطعةً من الحلوى،
وتحملينَ صحفةَ الطعام، فتتحوّلُ فورَ أن تُلامسيها إلى تحفةٍ ذهبيّةٍ براقة.
وحينما ترى أسرتُكِ كلَّ ذلك، يصيحونَ في دَهَش:
- أنّى لكِ هذا؟
فتضحكين ضحكاتٍ بُلبليّةً وتقولين:
هوَ خيالٌ في عقولِكم، لانعكاس جمالي في عيونكم.
وتضحكونَ جميعًا في سعادة.
ثمّ ها أنت ذي تغادرين المنزل، في ملابسكِ المحتشمة الأنيقة،
التي تليقينَ عليها كأنّك خلقت لتكسبيها جمالها في عيون البشر.
تشقين حياة الناس كحلم بهيج، كضوء في ليل، كزهرة فوّاحة بالعطر وسط صحراء قائظة.
ثمّ ها أنت ذي أخيرا أمام ناظري، تعيدينَ إلي روحي التي أخذتها بالأمس معك.
أخيرا أختطفها من عينيكِ بلهفة بعد طولِ غياب.
ولكنّها عنيدة.. تصرُّ أن تبقى.. تصرخُ، تئنُّ، تتملّص..
تجعلني أصارع عينيكِ باستماته، فأظلّ طيلة الوقتِ أتأملك وأعيش فيك، ولا أعي شيئا مما حولي.
آآآآآآآآهٍ يا ميلاااااااااد عمري!
ليتكِ تعرفين أي دنيا هي التي أعيش فيها، حينما تقع عيناكِ في عيني،وتخترقان وجداني بلا عائق.
لماذا لا تنظرينَ إليَّ العمر كله؟
مَن قالَ إنّي سأغفل عنكِ لحظة واحدة؟
ولكنكِ دوما مشغولة عني.
آآآآآآآآآآآآآآآه!
متى تُلاحظينَ أنَّ روحي حولك؟
ليتكِ تشعرين!